قراءة في كتاب: "الأدب: نظرية ــ نقد ــ جدل". لباريس إخنباوم، ترجمة غسان مرتضى، صدر عن مؤسسة ميسلون للثقافة والترجمة والنشر. إسطنبول/ باريس(2021).
لطالما قرأنا، نحن العرب، مصطلح (الشكلانيَّة الروسيَّة) في كتب تاريخ النقد الأدبي، وقرأنا أسماء أعلام هذه المدرسة وأسماء كتبهم، ووصفاً لأعمالهم ومنجزاتهم التي تُعدّ نقلة هائلة أحدثتها هذه المدرسة بعيداً عن نظرية الفنِّ السائدة السابقة عليها، ولكن لقلّما قرأنا، أيضاً، إنتاج أرباب هذه المدرسة أنفسهم. هذا الإنتاج الذي تخطَّى بأهميته المحيط الروسيَّ لاحقاً، ليصبح في مركز اهتمام البحث العلميِّ العالميِّ، بحيث نتذوّق بأنفسنا حقاً وصدقاً معنى هذه النقلة الهائلة! إذ لم يُترجم إلى العربية من أعمال هؤلاء الأساتذة سوى بضعة كتب، كـ (مورفولوجيا القصة) لفلاديمير بروب، و(الاتجاهات الأساسية في علم اللغة)، و(قضايا الشعرية)، و(محاضرات في الصوت والمعنى) لرومان ياكوبسون (1)، في حين أنّنا لا نعثر على أي كتاب مترجم من هذه الكتب التي غدت من كلاسيكيات النقد الأدبي، ككتب لليف ياكوبينسكي، أو
فيكتور شكلوفسكي أو يوري تينيانوف، أو باريس إخنباوم.
إنّ صدور كتاب لواحد من هؤلاء الأعلام مترجم إلى العربية من لغته الروسية ترجمة مباشرة يُعدّ، بالقياس إلى القارئ العربي، حدثاً أدبياً مهماً! وهذا ما قدّمته لنا دار ميسلون حين أصدرت كتاب باريس إخنباوم: (الأدب: نظرية ــ نقد ــ جدل)، بترجمة غسان مرتضى، فأتاحت لنا أن نقرأ عن هذه المدرسة من أحد أهمّ ممثليها، وأن نطّلع على تطبيقات عملية مباشرة لطريقة النقد الشكلانيِّ من دون وساطة.
يضمّ الكتاب فصولاً نظرية تتحدث عن (نظرية المنهج الشكلاني)، وتبحث (في النوع الأدبي)، وفي الحياة الأدبية، وفصولاً تطبيقية تتحدث عن غوغول (كيف صيغ معطف غوغول)، وأو. هنري (أو. هنري ونظرية القصة القصيرة)، وليسكوف (ليسكوف والنثر المعاصر). وسنقع في أثناء ذلك على منجم استثنائي من التعاطي والمعالجات في عوالم النقد الأدبي، وعلى مناقشات وردود على غاية في الأهميَّة، ويأتي على رأسها محاجّة إخنباوم تروتسكي في مفهومه للأدب والنقد الأدبي خصوصاً، ونقده للنقد الأدبي ذي الخلفية الماركسية عموماً.
يحدثنا مترجم الكتاب د. غسان مرتضى في مقدمة الكتاب أنّ إخنباوم اضطر تحت ضغط السلطة السياسية إلى أن يعلن براءته من الشكلانيين بعد عام 1930 أكثر من مرة، إلى أن أمسكوه عام 1949 بالجرم المشهود متلبّساً بالكوسموبوليتية، " فعوقب وفقًا للقواعد السوفياتية المعروفة.
مات إخنباوم سنة 1959 بعد عمر مملوء بالحيوية والنشاط والفاعلية تاركاً وراءه حوالي 300 عمل تتراوح بين البحث العلمي والكتاب عدا عشرات المقالات الصحفية والمحاضرات العامة" (2).
إنّ الكتاب الذي بين أيدينا هو مصداق لما أوردته موسوعة كامبريدج للنقد الأدبي من أنّ الشكلانية الروسية فضحت المناهج الأدبية السابقة من خلال ما قدّمته من غنى في الأفكار حول طبيعة العملية الأدبية، وأنّها قدّمت أرضاً خصبة للفرضيات الجديدة (3).
النقد الأدبي: من شرطي أهوج إلى محقق بارع
كانت دراسات النقد الأدبي، قبل ظهور الشكلانيين، قد تحوّلت بحسب تعبير فيسيلوفسكي إلى (أرض مشاعٍ) (ص117)، يكفي لمن يريد ولوجها أن يكون متسلحاً بشيء من التاريخ أو علم النفس أو الاجتماع أو القانون حتى يخوض غمارها، ويستعين إخنباوم استعانة موفقة بملاحظة ياكوبسون التي تشرح وضع الدراسات الأدبية في ذلك الحين بطريقة معبّرة: "إنَّ مؤرخي الأدب حتَّى اللحظة الراهنة، يُشبهون رجالَ الشُّرْطَةِ الذين يريدون اعتقال شخصٍ محددٍ، فيتحفظون على كلِّ ما هو موجود في منزله، ويعتقلون على سبيل الحيطة جميعَ الموجودين، وجميع العابرين بالقرب من منزله مصادفةً. وهكذا يقوم مؤرخو الأدب باستخدام كلِّ شيء حسب الحاجة: الحياة الاجتماعيَّة وعلم النفس والفلسفة والسياسة وغير ذلك، فيظهر بدلاً عن علم الأدب خليطٌ من المواد البدائيَّة، وكأنَّهم يتناسون أنَّ مقالاتِهم تناسب علوماً أخرى، كتاريخ الفلسفة وتاريخ الثقافة وعلم النفس... إلخ، وأنَّ هذه العلوم يمكن أنْ تستخدِمَ الوقائع الأدبيَّة كوقائع ثانويَّة ووثائقَ مشوَّهة"(ص117).
لقد كان تاريخ الأدب، قبل الشكلانيِّين، بعيداً عن الأدب نفسه! تاريخ غابت فيه الدراسة (الأدبية) لصالح التناول البيوغرافي والسيكولوجي والفكري! لذا رأينا إخنباوم وزملاءه بدلاً من أن يتوجهوا نحو تاريخ الثقافة أو المجتمع أو علم النفس أو علم الجمال يتوجّهون نحو اللسانيات بوصفها علماً لصيقاً بالبويطيقا/ فنِّ الشعر، غير أنّه لم يكن لدى إخنباوم مبادئ نظرية جامدة تقيّد يديه، ولم يكن يقبل بالجداول التخطيطية الجاهزة (ص151).
كيف صيغ معطف غوغول؟
يظن قارئ هذه الدراسة للوهلة الأولى أنّه سيكون محصوراً بهذه القصة بالذات، ولن يخطر على باله أنّ هذا المعطف سيمتد ويتسع بحيث يغدو تناوله تناولاً لمجمل أعمال غوغول، فنقرأ كيف تطوّرت قصة (الأنف) ومسرحيتا (الخِطبة) و(المفتش)، ورواية (الأرواح الميتة) عن طريق مراكمات بسيطة لمشاهد مستقلة، ويقيم المقارنات بين (المعطف) وبعض أعمال غوغول الأخرى: (زيجة العهد الماضي)، (خصومة الإيفانيين) [مثنى إيفان]، (ملاكو أيام زمان).
يحدثنا إخنباوم كيف كان غوغول يقرأ قصصه ومسرحياته على أصدقائه، فيذهِل الحاضرين بتلاعبه بنبر الكلام، وينوّع فيه ليرغم المستمع على التمكن من أصغر الأشياء التافهة في الفكرة. ومما يلفت النظر حديثه عن كيفية اختيار غوغول أسماء شخصياته، والدور الذي يلعبه جرس هذه الأسماء في ظاهرة الدلالة الصوتية في لغة غوغول حيث يصبح لغلاف الكلمة الصوتي ولطبيعتها النبرية في لغته أهمية خاصة بغضّ النظر عن المعنى المنطقي أو المادي، ويندفع إلى المكانة الأولى التلفّظ وأثره في السمع بوصفه أسلوباً تعبيرياً.
ويحدّثنا كذلك كيف كان غوغول يخترع الألقاب المناسبة لشخصياته، وكيف كان يبحث عنها في الإعلانات المعلقة على الجدران، أو في كتاب في محطة بريد، ويناقش فكرة اختراع غوغول الأسماء العجيبة والشاذَّة، والشديدة الإضحاك في الوقت نفسه.
وبكامل البراعة يجعلنا إخنباوم نضع يدنا على أساليب السرد الرئيسية في (المعطف) ونظام ترابطها، وعلى اللعب بالجناسات المبنية على تشابه الأصوات أو على التلاعب باشتقاق الكلمات.
ويتتبع من أجل ذلك مسودات كتابة القصة. المسودة الأولى. المسودة الثانية، ويكشف عن أهمية اختيار الاسم حين يؤدي دوراً في الجناس، وعلى سبيل المثال كان اسم أكاكي أكاكييفيتش في البداية تيشكيفيتش، لكنّه لم يكن مناسباً للجناس.
يتناول البحث الأنماط الأساسية للجناسات الغوغولية في (المعطف)، ويكشف عن الطبقة التركيبية الأساسية فيه، حيث يبدو القصّ في (المعطف) وكأنّه تقليد لنوع خاص من الثرثرة القائمة على الاستخفاف والسذاجة، أو الثرثرة غير المتكلفة، وهو "يبتعد ابتعاداً مقصوداً عن موضوع فكاهته الرئيس ليقحم فكاهات جانبية"(ص35). لكن حين يدرس أخنباوم المسودات، يلاحظ كيف خفّف غوغول من هذه الأساليب (التهاون في الثرثرة)، وأغنى القصة بالجناسات والفكاهة، ومن إدخال العنصر الخطابي ليعقّد بذلك طبقة التركيب الأوليَّة، لينتهي به الأمر إلى غروتسك، تتناوب فيه إيماءات الضحك وإيماءات الحزن.
أو. هنري ونظرية القصة القصيرة
مات أو. هنري سنة 1910، ولكن اسمه لم يغدُ معروفاً في روسيا حتى عام 1923. يسوق لنا إخنباوم هذه المعلومة بطريقة فيها نَفَس استنكاري لهذا التأخر في المعرفة. لكن بعد أن عرفه الروس حصلت قصصه على نجاح كبير ومثير للانتباه، "ومن الواضح أنها أصبحت تلبي المتطلبات الأدبيَّة"(ص165).
يستعرض إخنباوم في هذا البحث المفاهيم العامة لخصائص القصة القصيرة، وليفرّق بينها وبين الرواية، لأنّهما شكلان غير متجانسين، بل هما متعارضان في الجوهر، لذا فإنّهما لا يتطوران في أدب واحد بعينه بصورة متزامنة إطلاقاً.
يرى المؤلِّف أنَّ للقصة القصيرة شرطين: الحجم الصغير، والتركيز على نهاية الموضوع الضاربة، أما النهايات غير المنتظرة في الرواية فظاهرة شديدة الندرة.
النهاية في الرواية نقطة انفراج، والنهاية في القصة القصيرة نقطة توتر.
القصة القصيرة لغز. أما الرواية فأشبه بأحجية معقدة.
"القصة القصيرة مسألة تقوم على معادلة واحدة ذات مجهول واحد. أما الرواية فهي مسألة لها قواعد مختلفة تُحلُّ بوساطة طائفة من أنظمة المعادلات ذوات المجاهيل المتعددة"(ص 173).
ويستعرض إخنباوم حالة القصة القصيرة في أمريكا وكيف انماز الأدب الأمريكي عن الأدب الإنكليزي.
يلاحظ إخنباوم أنّ القصة القصيرة الأمريكية ظلت حتى الثمانينيات [من القرن التاسع عشر] تتغيّر في نمطها فإما أن تقترب من المقالة الصحفية أو تبتعد عنها، لكنّها كانت تحافظ على طابعها الجاد والهادف والعاطفي وطابعها السيكولوجي أو الفلسفي، لكن بدءاً من مرحلة مارك توين خطت القصة الأمريكية خطوة حاسمة باتجاه النادرة الفكاهية، فاحتل الراوي المضحك مركز الصدارة، وأُدخلت عناصر الهجاء والسخرية الأدبية، وتحوّلت النهاية غير المنتظرة إلى تلاعب بمخطط الموضوع وتوقعات القارئ، وأصبح التحفيز أكثر بساطة، واختفى التحليل السيكلوجي نهائياً، وعلى هذا الأساس تطورت قصة إو. هنري القصيرة. (ص 181).
يعالج إخنباوم قصص أو. هنري على المستوى اللغوي والبنائي بطرح الأسئلة التالية: ما المبادئ والأساليب والألاعيب والتقنيات وطرق السرد التي كان أو. هنري يتبعها ويستخدمها؟ ومن خلال الإجابة عن هذه الأسئلة نحيط خبراً بموضوعات قصصه وجماليتها وأوجه الألمعية في بنائها.
ليسكوف والنثر المعاصر
من خلال الحديث عن الروائيِّ والقاصِّ والمسرحي نيكولاي ليسكوف (1831 ــ 1895) يتتبع إخنباوم تطور الكتابة النثريَّة، ولا سيَّما بعد منتصف القرن الثامن عشر (أشكال الدراسات الصحفية. المقالات. أدب الرحلات. المذكرات. المقالات الهجائية. الدراسات الأخلاقية....).
وفي أثناء ذلك يبدأ من تطور النوفيلَّا الإيطاليَّة المبكرة بين القرنين الثالث عشر والرابع عشر من الحكاية أو النادرة وصولاً إلى روايات القرن التاسع عشر: ديكنز. بلزاك. تولستوي. دوستويفسكي، وروايات والتر سكوت التي تنتمي لنمط المغامرات المغلفة بالشكل التاريخي، وروايات فيكتور هيجو التي تستفيد من أساليب لغة الخطابة.
وإذا كان عنوان هذا الكتاب (الأدب: نظرية ــ نقد ــ جدل). فإنّ الجانب التعليمي فيه ينبثّ في كلّ مناحيه بشكل مباشر وغير مباشر! وعندما يحدثنا إخنباوم عمَّا يتميّز به ليسكوف يقدّم لنا درساً تعليمياً في كيفية كتابة الحورات بتركيزه على ما يسميه (تنظيم الأصوات)، الذي يعدّه أساس النثر القصصي. هذا التنظيم الذي تمكّن منه ليسكوف فكان رجل الدين في رواياته يتحدث كرجال الدين، والقرويون يتحدثون كالقرويين بدون وثبات بهلوانية، والبرجوازيون الصغار يتحدثون بلغة البرجوازية الصغيرة، الإرستقراطيون الذين يلثغون بنعومة يتحدثون بلغتهم أيضاً. أما عندما يتكلم ليسكوف بلغته الخاصة فيتكلم بلغة الحكايات القديمة واللغة الكنسيَّة الشعبيَّة في أسلوب أدبيٍّ خالص (ص 248 ).
الكتاب المحفّز
إنّنا أمام كتاب من الكتب الاستثنائية التي لا يقتصر أثرها على تلقي المعلومة وتكديسها أو مجرد الاستمتاع بها، ولكنّه يحفزك على التفكير، وعقد المقارنات والخروج بنتائج، بل أكاد أجزم أنَّ المؤلف يدرك تمام الإدراك ماذا يفعل، وأنّه يقدّم العدة والأدوات فضلاً عن الدوافع والحوافز والإيحاءات التي ستنهض بالباحثين لارتياد أماكن أخرى ما كانوا ليفكّروا بها لولا الإثارة التي يتلقونها وهم يقرأون هذه الفصول شديدة التنوع والغنى.
ولعل من أهم الفصول المحفّزة هو الفصل المعنون بـ (عن الإنشاد في القاعة)، إذ يقدّم فيه إخنباوم نصاً شديد الثراء والإلهام. يعقد المقارنات بين إلقاء الممثلين الشعرَ على خشبة المسرح وبين إلقاء الشعراء في القاعة، ويسهب في بيان أوجه الخلاف بينهما! هذا الخلاف المتأتي من اختلاف علاقة كلٍّ منهما بالكلمة وبالتالي بالشعر.
يُفضّل إخنباوم إلقاء الشعراء الذي لا يتسم بالمهارة على إنشاد الممثلين المحترفين من أصحاب الأصوات المدرّبة جيداً، فالبيت الشعري بوصفه وحدة إيقاعيَّة ليس مهمّاً لدى الممثّل، فهو يتوقف في المكان الذي يتطلبه التأويل النفسي حسب رأيه، لذلك يظهر في التسارع والتباطؤ مستقلاً عن الإيقاع الشعري، وكثيراً ما يكون ذلك في تناقض تام معه (ص 48). وهنا نرى إخنباوم يسخّر جميع نصوص الأدب الأوروبي على اختلاف لغاته ليشرح نظرته وأفكاره منطلقاً من المبدأ القائل: إنّ أساس قراءة الشعر يجب أن يكون الإيقاع. فنراه يتنقل بين الشاعر الألماني يو. ل. تيك، ووالتر سكوت، والمراسلات بين شيلر وكيرنر، وبوشكين، وغوتة، وأوغست ويلهلم شليغل، وليناو، وبرينتانو. ويحدثنا عن تشكّل تيار علمي في ألمانيا يدعى (اللغويَّات السمعيَّة) برئاسة عالم اللسانيات الشهير إدوارد سيفرس، وعن عمل الشاعر والموسيقي والمنظّر الأمريكي سيدني لانغير الذي عالج مسائل نظريَّة الشعر على أساس علم الصوتيات، ويعرض كذلك وجهة نظر الألماني روبرت بورينجر حول الإنشاد، والأحكام النظرية التي يجب أن يتحلى بها(ص59 و61). يذكر إخنباوم كلّ ذلك من أجل إقامة أساس للتقعيد النظري الذي سيزيد فنَّ الإنشاد في القاعة قوةً وتطوراً. وهذا الفصل بالتحديد يحفزنا لدراسة أساليب إلقاء الشعر العربي وطرقه وأنواعه وإمكانات تقعيده!
أخيراً
إن عرض كتاب مثل كتاب إخنباوم أو مجرد تلخيصه هو عمل عسير، فهو أشبه ما يكون بنبع فوار من الأفكار والمعلومات والمقارنات المتدفقة المتتابعة بغزارة، وهي معلومات ومعالجات لا يمكننا الادعاء بأن الزمن تجاوزها على الرغم من مرور قرن كامل على كتابتها، فالنقد الأدبيُّ المعاصر ما هو إلا امتداد لعمل إخنباوم وعمل رفاقه وتطوير له وسير على هداه. يقول إخنباوم: "في اللحظة التي يجب علينا فيها أن نعترف أنّ لدينا نظرية تفسّر كلّ شيء وجاهزة لشرح الأحداث السابقة واللاحقة كلها، وهي ليست بحاجة إلى التطور، وليست قادرة عليه، علينا أن نعترف في تلك اللحظة أيضاً أنّ المنهج الشكلاني قد أنهى وجوده، وأنّ روح البحث العلمي قد غادرته، لكن ذلك لم يحصل بعد"( ص 161). نعم قد "تموت النظريات أو تتغير، أما الحقائق التي اكتُشفت بفضل هذه النظريات وثبتت صحتها فتبقى"(ص 142).
أمَّا المترجم د. غسان مرتضى فنكبر ترجمته بعد أن قدّم لنا نصاً عربياً يمتاز بحسن السبك ونصاعة الصياغة ووفاء المعنى، وقد شفعه بهوامش وحواش دلّت طريقته في كتابتها على حرفية وبراعة، فعلى الرغم من كثرتها لم تثقل كاهل النص، بل كانت في محلها وموضع الحاجة إليها.
....
هوامش
1. الغريب في الأمر أن جميع هذه الكتب لم تترجم من لغتها الروسية الأصلية، بل من خلال لغة وسيطة هي الفرنسية في الأعم الأغلب.
2. ب. م. إخنباوم، الأدب: نظرية ــ نقد ــ جدل، تر: غسان مرتضى، (باريس، إسطنبول، دار ميسلون، سنة 2021، ط1)، ص 15.
3. انظر: رامان سلدن محرراً، موسوعة كامبريج في النقد الأدبي، من الشكلانية إلى ما بعد البنيوية، ترجمة: أمل قارئ، جمال الجزيري، حسام نايل، خيري دومة، عادل مصطفى، محمد بريري، محمد السعيد القن، يمنى طريف الخولي، مراجعة وإشراف ماري تريز عبد المسيح، المشرف العام جابر عصفور، (القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة، سنة 2006، ط 1) ج 8، ص 53.
المصدر:
https://www.almodon.com/culture/2021/8/9/%D9%85%D8%AF%D8%B1%D8%B3%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B3-%D8%A5%D9%8A%D8%AE%D9%86%D8%A8%D8%A7%D9%88%D9%85
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق